الإصلاح ليس فقط وتراً شجيا شرقيا، تُقدم من خلاله أسطوانات مشروخة ليأكلها الشرقي الجميل الطيب هنيئا مريئا، لكنه مشروع شامل مبرمج، لابد فيه من القيام بعمليات جراحية وطنية كبيرة، ومؤلمة أحيانا، تستأصل جميع الأورام التي تنهش الوطن.
كما أن ألف باء الإصلاح أيضا، الصدق، والالتزام بتقديم علاجات ناجعة لكل الأدواء التي تنال من المواطن، وتهدم المؤسسات، وتغتال الوطن.. ولا يمكن أن يكون أي برنامج إصلاحي مقنعا وصالحا، إلا إذا كانت الإعلانات عن النوايا الحسنة تقابل بأفعال على الأرض، وتسندها أقوال حكيمة، ورصينة، وعلمية، وقبل كل ذلك وطنية.
البرامج التي تطلقها المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية في ليبيا تضع – أول ما تضع- قائمة لأولويات الإصلاح في ليبيا، وتعتقد أنه بالإمكان أن يكون هناك إصلاح حقيقي عبر سلّم من الأولويات، حسب العاجل فالآجل، حيث تتصور أن يبدأ برنامج الإصلاح بالإصلاح الاقتصادي، ثم الدستور، ثم استقلالية بعض المؤسسات، ثم الصحة، ثم الأمن، ثم التعليم، ثم الإسكان وهكذا..
المؤسسة الرسمية وشبه الرسمية هذه بدأت في الركض تسابق الزمن نحو تنفيذ برامجها، في شكل يكاد يكون هستيريا، وتطلق في كل مناسبة مانشيتات انفجارية مدوية، وتعلن عن ميزانيات بأرقام خرافية، ستصرف في البنية التي تحت، مبشرة بانفتاح باب الغنائم على مصراعيه.
المؤكد.. هو أن هذه البرامج تعيش في عالم من الفانتيازيا السياسية، الأمر الذي جعلها حتى الوقت الراهن تسير على قدم واحدة، ما دفع بها إلى عدم الاكتراث بالتهكع الذي يصيب خطواتها نحو المستقبل الغارق في مياه البحر، والمزين بالخطوط الملونة، التي لا يمكن أن تعتبر بداية حسنة نحو إصلاح شامل في البلاد.
الإرادة السياسية الصادقة.. والمواطن. هما ركيزتا أي عمل إصلاحي نهضوي تقدمي، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يكون هناك إصلاح حقيق دون إرادة من الإدارة السياسية، ولا يمكن بحال من الأحوال أن تنجح برامج الإصلاح وتؤتي أُكلها دون أن يكون المواطن مؤمنا بها، ومشاركا فيها، وصانعا لبرامجها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق