ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين

السبت، 10 مايو 2008

ستايل ليبيا الغد

شهد الوسط السياسي في ليبيا تغييرات وتعديلات بروتوكولية طالت الشخصيات اللامعة والبارزة والقيادية في المجتمع الليبي وتمثلت هذه التعديلات في تشذيب وتهذيب شكل الشخصية القيادية والانتقال بها إلى مرحلة جديدة يغلب عليها الطابع العقلاني والأكاديمي.
كان الشرط الأساسي للمسؤول الليبي أن يكون ثوريا بالفعل وليس بالانتماء للمنظومة الرسمية، وهو ما كان مرادفا لمعاني الاندفاع والحماس والمغامرة، حيث كانت المرحلة السياسية التي تمر بها المؤسسة الرسمية تتطلب في عناصرها هذه الخصائص للقيام بتنفيذ أجندتها التي غلبت عليها البرامج الثورية الانفعالية.
لكن مرحلة الثورة – كما يطلق عليها التيار الإصلاحي - باتت من جملة ما يجب الاحتفاظ به في الذاكرة الوطنية، ولا ينبغي أن يهتم بها أحد غير المؤرخين، وحل محلها مرحلة الدولة، وهي المرحلة التي فرضتها العصرنة، والعولمة.
ولا يجب أن نغفل تزايد الضغوطات الخارجية التي كثيرا ما وصفت الشخصية الليبية ونعتتها بالاندفاع والتهور والمزاجية فصار من الضروري ومما يستوجبه فقه الحال السياسي أن يتبدل الحال وتتم إجراء تعديلات بروتوكولية لا تقف فقط عند عقلنة الخطاب الرسمي بل تتعداه إلى تهذيب وتشذيب يطال المسؤول الليبي في إطاره الشكلاني أيضا.فطغى نعت [الحاج] على المسؤول الليبي، مما أضفى على شخصية المسؤول مسحة عقلانية، كان مزاجها التدين والرشد، وفرضت شيئا من التوقير والمهابة في التعامل مع الحجاج وفق ما تتطلبه الثقافة الشعبية السائدة، حيث يجب أن يحظى الحاج بكل توقير واحترام، لكن سلوك [الحاج] المسؤول كان نغما نشازا في المنظومة الأخلاقية الشعبية، حيث الفساد كان أقل ما يوصف به هذا النوع من الحجاج، مما جعل العقل الجماعي يختلق نظاما دفاعيا يستطيع به التفريق بين الحاج المتدين والحاج المزيف.
لقد صار المسؤول [الحاج] رمزا من رموز الرجعية، والورائية، أو بمصطلح أكثر دقة رمزا مخزنيا راديكاليا، لكنه في الوقت نفسه ساهم في الدفع على مسرح الأحداث بجيل جديد ومعهم طائفة – من المنافقين- متجددة، باشرت منذ البداية في إجراءاتها التشذيبية والتهذيبية التي تخص شكل المسؤول الليبي الجديد والعصري حيث تم تهميش الحجاج، والإعلاء من شأن الدكتور ..... وصارت الدكتوراه [ستايل] سياسي جديد، وصار من لا يحمل الدكتوراه، يسعى لأن تحمله الدكتوراه للمناصب الرسمية، والقيادية، وفتحت الجامعات وأكاديميات الدراسات العليا في الداخل والخارج ذراعيها لاحتضان السادة الحجاج سابقا، ليتم بقدرتها تحويلهم إلى دكاترة وفي كل التخصصات التي يمكن لها أن تخفي هشاشة دكاترتها، وصار الثوري في ليبيا الأمس، هو الحاج في عصر ليبيا النفط، وهو الدكتور في ليبيا الغد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق