ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين

السبت، 10 مايو 2008

ليبيا اليوم بين ليبيا الأمس.. وليبيا الغد

تعني (السلفية) في مدلولها العام استدعاء التراث في مظهر من مظاهره متمثلا في فكر أو سلوك أو شخوص ...إلخ، وعلى هذا فإنه بالإمكان وصف الليبيين بأنهم (سلفيون) في أعيادهم الدينية والاجتماعية حيث يهرعون إلى الزي التقليدي السلفي تعبيرا عن مظاهر البهجة والفرح.
(السلفية) الليبية تتمثل أيضا في الخطاب الإعلامي الرسمي الليبي، حيث تغص الإذاعة الليبية بالبرامج السلفية لحياة البدو الليبيين، التي يمثلها برنامج (النجع) حتى تم اختزال التراث السلفي الليبي المتنوع في حياة البدو الرعويين فقط.. ولا يقتصر المد السلفي الإعلامي على برامج الرقص والغناء والشعر بل يتمظهر أيضا في برامج الثقافة الدينية التي ينفرد بصياغتها و يمثلها طائفة من الشيوخ ذوي المظهر الشكلي السلفي متمثلا في (الجرد والطاقية ...الخ) والمرجعيات الثقافية والفكرية السلفية، وهو ما يفسر الحضور القوي لمقولات (شباب اليوم) و(الناس اليوم) و(مثقفو اليوم) وتصنيفهم ضمن طائفة المنحرفين عن السلوك والأفكار والتوجهات الثقافية والفكرية السلفية، في حين يتم الإعلاء من شأن ما هو سلفي، مشكلا بذلك قيمة أخلاقية وعلمية مثالية يحتكم إليها في تقييم الواقع..
الفكر (السلفي) يمتد أيضا ليطغى على الساحة الاقتصادية حيث تشكل تجارة (زمان) نموذجا مثاليا في الوجدان الاقتصادي المحلي، وكثيرا ما تسمع حزمة شتائم تنهال من أحد التجار – بسبب نشاط اقتصادي فاشل – على تجار اليوم وتجارة اليوم، ووصل الأمر ببعض السلفيين المتعصبين إلى وصف بضائع قديمة بأنها أجود ألف مرة من البضائع الحديثة، وهكذا...
الساحة السياسية الليبية هي الأخرى آمنت ولمدة تزيد على ربع قرن بالأفكار والمبادئ السلفية للتيار القومي العربي الذي يتغذى على أفكار موغلة في السلفية تعود في جذورها إلى عصر ما قبل الإسلام حيث تشكل القبيلة المرجع الأعلى للقيم والأخلاق، وكم قطف المؤمنون بالقومية العربية من ثمراتها الجنية، في حين حرم الكافرون بها من تلك القطوف الدواني، بل ربما أصابهم الأذى بسبب كفرهم وضلالهم، الأمر الذي سمح بظهور فريق المنافقين وانتشارهم في جسد الدولة المؤمنة آنذاك بالسلفية الفكرية منهجا للحياة.
وبسيطرة المنافقين وتحالفهم مع المؤمنين وعثوهم في ليبيا فسادا وإفسادا كان من الطبيعي أن يظهر جيل من الكافرين منادين بردم الماضي والترويج – فقط – للغد، باعتباره المستقبل الذي يجب أن يتم التركيز عليه، وباعتباره أيديولوجية بديلة يمكن أن يراهن عليها في الزج بالمؤمنين السلفيين إلى خارج اللعبة، وهو ما سيسمح بنشاط جديد للمنافقين لتغيير مسارهم من السلفية القومية الاشتراكية إلى التقدمية الرأسمالية، في حين تم التغاضي من قبل الاتجاهين على مرحلة الحاضر المعاش، والقفز عليه، دون تبرير لذلك، مما يسمح بالقول بأن الواقع المعاش، والحاضر الآني قد استبعد من حسابات ورهانات الفريقين، وبذلك يمكن القول إن ليبيا اليوم قد ضاعت بين ليبيا الأمس، وليبيا الغد.

هناك تعليق واحد:

  1. أنت عبارة عن علماني متنكر في توب غير توبك فأخلع عنك هذا التوب الذي أسأت إليه وأساء إليك.

    ردحذف